موقع الفادي
أعدّها الأب فارس سرياني :
إنَّ رِوايَةَ الْمِيلادِ تُخبِرُنا بأنَّ اللهَ رَفَعَ حِجَابَ خِبَائِهِ، أَمَامَ أَشخَاصٍ وَضعُهُم مُترَدٍّ مُهمَلِين. أَمَامَ الرُّعَاةِ الّذينَ في الحُقولِ يحرُسونَ مَاشِيَتَهُم! لوقَا يُخبِرُنَا أنَّهم كَانوا: ﴿يَتَناوَبونَ السَّهر﴾ (لو 8:2)، حِينَ حَضَرَهمُ الْمَلاكُ، وأَشرَقَ عَلَيهم مَجدُ الرّبِّ. هَكَذَا نجدُ أَنْفُسَنَا، على مِثالِ الرُّعَاة، مَدْعُوّينَ للسّهَرِ واليَقَظَة، مُستَعِدّينَ لِمَجيءِ الرَّبِّ. السَّهرُ عِندَ يَسوع، جُزءٌ أَسَاسيٌّ في رِسَالَتِه، إذْ دَعانَا إليهِ باستِمَرارٍ وإِلْحَاح، فَقَالَ مُنَبِّهًا: ﴿اِسهَروا مُواظِبينَ عَلَى الصَّلاة، لِكَي تُوجَدوا أَهْلًا لِلنَّجاةِ، ولِلثَّباتِ لَدَى ابنِ الإِنْسان﴾ (لوقا 36:21). وفي الإنسَانِ السَّاهِر، يحيَا اللهُ ويُوجَد.
كَانَ الرُّعاةُ أَشخاصًا ينتَظِرونَ الله، بِدافِعٍ مِنَ الرَّجَاءِ الّذي كَانَ مُتَّقِدًا في نُفُوسِهم. القَلبُ السَّاهِرُ قَادِرٌ عَلَى سَماعِ رِسَالةِ الْمِيلاد: ﴿لا تَخافوا، هَا إِنِّي أُبَشِّرُكُم بِفَرحٍ عَظيم: وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ في مَدينَةِ دَاود، وهو الـمَسيحُ الرَّبّ﴾ (لوقا 10:2-11). القَلبُ السَّاهِرُ قَادرٌ عَلَى الإيمانِ بِرسَالَةِ الخَلاص. فَلْنَسألِ اللهَ أنْ يَهَبَنا قَلبًا سَاهِرًا مُتَّقِدًا رَجَاءً.
عَلَى مِثَالِ الرُّعاةِ، يجبُ أَنْ نخرُجَ إلى بَيتَ لحم، لِنَرَى الحَدَثَ الّذي قَدْ تَم. فِعلُ الخُروجِ هَذا، يَعنِي أنْ نخُرجَ مِنْ عَالَمِ "الأنا"، القَائِمِ عَلَى الانغِلاقِ عَلَى الذَّات، والأنانِيَّةِ القَاتِلَة. ذلِكَ أنَّ جُلَّ الصِّرَاعَاتِ نَاتِجةٌ عَنِ التَّقَوقُعِ عَلَى الذَّات، عَنْ نَظراتِ العَداوَةِ الّتي نحمِلُهَا نحوَ بَعضِنا البَعض، عَنْ رَفضِ الْمُصَالَحَة، عَن الكِبرياءِ الْمُستَوطِنِ فينَا، عَن رَغَبَاتِنَا وأَطْمَاعِنَا، الّتي تُصبِحُ إنْكارًا واعْتِدَاءً عَلَى حُقُوقِ الآخرين.
إِنَّ طَريقَةَ تَفكِيرِنَا الدُّنيويّة وأُسلوبَ تَصَرُّفِنَا البَشَريّ، تُسْهِمُ في فُقدانِ حِسِّنَا بالله، وإدْراكِنَا لِنعمَةِ حُضورِه. ولِهذَا قَالَ القِدّيسُ يَعقوبُ في رِسَالَتِه: ﴿صَدَاقَةُ العَالم، عَداوَةُ الله﴾ (يع 4:4). وَمَعْ ذَلِك، في كُلِّ نَفسٍ، جَعَلَ اللهُ تَوقًا فِطرِيًّا إلَيه. وهَذَا مَا يَتَطلّبُ مِنَّا، كَالرُّعَاةِ أَنْ نفتَحَ الأذهانَ والقُلوب، وأنْ نخرُجَ مِن عالَمِنا الوَهميّ، لِسَمَاعِ رِسالَةِ الْمِيلاد.
نُصَلّي لِكَي يَهَبَنا اللهُ نِعمَةَ "اليَقَظَةِ والسَّهَر". نُصلّي لِكَي يُلهِبَ فِينَا التَّوقَ إلى لُقيَاه، والسَّعيَ إلى مُعَايَنَتِه، كَمَا عَايَنَهُ الشَّيخُ سِمعَان. اِفْتَحْ يا رَبُّ عُيونَ القَلب، فَنُضحي يَقِظينَ ومُتَبَصِّرين، ونَتَمَكَّنَ مِن حَملِك، كَمَا حَملَكَ سِمعانُ، مُخلِّصًا، للآخرين.
عن ابونا
No comments:
Post a Comment